قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: {واعلم أن الأمة لو اجتمعت عَلَى أن يضروك، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، ولو اجتمعوا عَلَى أن ينفعوك، لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك}.
فالله تَعَالَى هو الذي كتب الخير والشر، فهذه الأرزاق من الله عَزَّ وَجَلَّ، وهَؤُلاءِ البشر يسخرهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نعم يُثنى عَلَى النَّاس ويشكرون ويكافئون ولو بالدعاء، وهذا من حسن أخلاق المسلم أنه يكافئ ويحسن إِلَى من أحسن إليه ولو بالدعاء إذا عجز، لكن أن ينسب كل خير ونعمة وفضل إِلَى الأسباب وينسى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فهذه غفلة كبيرة عن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولو علم أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو وحده الخالق والرازق لعبده وحده كما أشار المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ هنا كما قال الله تعالى: ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَان لَظَلُومٌ كَفَّارٌ))[إبراهيم:34],.
هذا هو الوصف الذي وصفه الله رَبّ الْعَالَمِينَ، هذا الإِنسَان ((وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ))[النحل:53] فالله تَبَارَكَ وَتَعَالَى هو الذي يخلق، ولكن يعبد سواه، ويرزق، ولكن يعبد غيره، خيره نازل إِلَى العباد، فكم ينزل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى كل يوم من الخيرات عَلَى هَؤُلاءِ العباد، فكم من فقير أغناه الله تعالى، وكم من مريض عافاه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكم من مكروب فرج الله تَعَالَى كربه، وكم من مهموم أزال الله همه؟
كم وكم يتحنن عَلَى هَؤُلاءِ العباد ويرحمهم ويمتنُّ عليهم كل يوم، بل كل حين، بل كل لحظة ونِعَم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نازلة عَلَى هَؤُلاءِ العباد، ولكن ما الذي يصعد إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فالملائكة الذين يتعاقبون فينا في الليل والنهار، ما الذي يصعدون به، دعونا من عالم الكفر، فماذا تتوقعون أن تصعد الملائكة به من عالم الكفر، انظروا إِلَى عالم الْمُسْلِمِينَ ودعونا من عالم الْمُسْلِمِينَ عامة، انظروا إِلَى حالتنا نَحْنُ طلبة العلم الذين نعيش -ولله الحمد- في الغالب مع كتاب الله وسنة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع أهل الذكر، ومع أهل الخير، بم ترتفع الملائكة إِلَى ربنا عَزَّ وَجَلَّ، ما الذي في صحفنا، صلوات نغفل عنها، ونحن في أثنائها قد لا ندري كم صلينا، وربما جاءت من هاهنا كلمة، ومن هاهنا نظرة، ومن هاهنا شبهة أوشك، فدمرت وأهلكت ما يظن الإِنسَان أنه جمعه من حسنات نتيجة هذه الصلوات، فمن الذي يسلم إلا من عصمه الله تَعَالَى وسلمه.